رعى رئيس مجلس الوزراء تمام سلام، في السراي الكبير، صباح اليوم، حفل إطلاق استراتيجية السياحة الريفية في لبنان، الذي تنظمه وزارة السياحة، وشارك فيه إلى سلام، وزارء: السياحة ميشال فرعون، البيئة محمد المشنوق، الاعلام رمزي جريج، الشباب والرياضة عبد المطلب حناوي، الثقافة ريمون عريجي.
بدأ الحفل بالنشيد الوطني وكلمة ترحيب، ثم عرض شريط مصور لبعض اللقطات والمشاهد الطبيعية والحيوية في لبنان، بعنوان "لبنان الحياة"، التي صورها مواطنون عاديون.
و ألقى الرئيس سلام كلمة شكر في مستهلها الوزير فرعون على هذه المبادرة، وبعد ترحيبه بالحضور، قال: "في هذه المناسبة الوطنية لا بد ان أهنئ الوزير ميشال فرعون الذي عمل على إطلاق استرتيجية السياحة الريفية والتي نامل أن تكون على قدر آماله وما تم من تخطيط"، معتبرا أن "السياحة كانت وما تزال من أكبر الهموم الوطنية، لأن الله خلق للبنان هذه الطبيعة الجميلة".
وقال: "نتكلم في خضم أوضاع مقلقة وغير مستقرة تحيط بنا، وتاتي باشكال واحداث مختلفة، وعلينا ان نستمر ونعمل ولا نتوقف"، مؤكدا ان "لا سياحة في لبنان بدون هدوء واستقرار، هدوء عملنا عليه من خلال خطة أمنية، قامت بموازاة خطة سياحية".
اضاف "منذ 10 اشهر، حققت نجاحات، وانا مطمئن ومرتاح لأنه صار هناك واحة من الهدوء في لبنان، واستقرار في المناطق يتيح لنا تحقيق التقدم في مجال السياحة".
وتابع "الأمن غير مستقر حولنا، ونحن في لبنان سنستمر في الخطط الأمنية لتثبيت الأمن في كل المناطق، وهنا لا بد من الإشارة إلى الاجهزة الامنية التي تسجل حركة ويقظة واستنفار دائم لاحلال الأمن، وكذلك تعاون وتنسيق في ما بينها لوضع حد لكل من يستهدف لبنان امنيا، امننا نعتز ونفتخر به ونسهر عليه ليل نهار ليتم تفعيله من أجل تحصين ابنائنا".
ورأى أنه "مازلنا في تعكر على مستوى وضعنا السياسي، ونعيش وسط أزمة سياسية، ولن يتعافى الوطن إلا باستكمال هذا الجسم برأسه، ونشدد على أن يفوز نظامنا الديمقراطي بانتخاب رئيس للجمهورية".
وأشار "طموحاتنا في الحكومة كبيرة، ونامل إتاحة الفرص لما يعزز كرامة لبنان"، وختم مهديا "هذا الحدث لروح رجل المشاريع والانماء والاحلام اللبنانية رفيق الحريري".
فرعون
ثم تحدث الوزير فرعون، بصفته منظما ومطلقا لهذا المشروع، فقال: "في خضم المخاطر المحدقة بلبنان وشعبه، وتعطيل الاستحقاق الرئاسي، والشلل الزاحف على مؤسسات الدولة، كان لا بد أن نتمسك بمؤسساتنا، وعلى رأسها دعم الجيش في الدفاع عن السيادة والقيم الحضارية".
أضاف "منذ تسلمنا وزراة السياحة، كان علينا أن نسجل من خلال الاتفاق السياسي ومن خلال الخطة الامنية، بث نمط جديد للسياحة، التي تدهورت بسبب أحداث 2012، فكانت الحملة السابقة التي اطلقناها "لبنان الحياة" مما ساهم في تحسن نسبي في القطاع السياحي، ونمو بلغ 15% مقارنة بالعام الذي سبقه".
وتابع "نقترب من محطة سنوية، مرور عام على تشكيل الحكومة، ونأمل تعويض الشلل الزاحف بتأسيس خطط انمائية جديدة، تشمل كل الوزارات والنقابات والقطاع الخاص، ومن أهمها: تنظيم وتطوير السياحة الريفية وإيجابياتها وإمكانية نموها من 5% إلى 20%، وقد يتحقق ذلك عبر الخوض بملفات أساسية من الإنماء المتوازن إلى الهجرة من الريف إلى المدينة ثم إلى الخارج، وتنمية المناطق الريفية، والحفاظ على البيئة، وموارد المجتمع الريفي، ونمو ثروات أهله والعناية بها، وتسويقها باتجاه الداخل والخارج، وخصوصا لدى المغتربين لاعادة جذبهم إلى جذورهم والاستثمار في قراهم ".
وإذ شكر "رئيس مجلس الوزراء ووزارة الثقافة والبيئة وكل الوزارات المساهمة في هذا المشروع، وكذلك النقابات وجمعيات المجتمع المدني والبلديات والجنود المجهولين الذين واكبوا هذا العمل"، اعتبر أن "هذا العمل يهم رافضي العنف والترهيب والزبائنية، ومن يعتبر ان تطوير الاقتصاد والسياحة هو الاساس في تطور بلدنا".
ولفت إلى أن "الآمال والاحلام كبيرة في هذا المشروع"، سائلا "هل تكون الدولة على مستوى المسؤولية في إيجاد التمويل ثم التأهيل للحفاظ على معالمنا الآثرية الريفية بعد الانتهاء من جردها في برنامج الاستراتيجية؟"، مشيرا إلى "تقدم على صعيد تطوير برامج خاصة لخمس سنوات في مناطق تقدمت بمشاريع انمائية إلى وزارة السياحة، وفرح كبير للوصول إلى تكريس استراتيجية سياحة ريفية لما فيه خير المناطق الريفية والأجيال القادمة".
المشنوق
وألقى الوزير المشنوق كلمة، قال فيها: "علينا أن نتبنى مفهوم السياحة الريفية التي أطلقها الوزير ميشال فرعون، التي تهدف إلى توطيد العلاقة بين الانسان والأرض، وليس بهجر وترك قرانا".
ورأى ان "وزارة البيئة ووزارة السياحة توأمان، فلا تستقيم الأولى بدون الثانية، يستمتع السواح بالبيئة بدون السياحة"، ثم عرض "بعض تجاربه الشخصية في التعرف إلى السياحة الريفية، معددا بعض المحميات التي سيقفز عددها عن الثلاثين محمية والجمعيات والمحطات التي تساهم في نشرها"، معتبرا أن "المصلحة الوطنية تقتضي أن يبقى الناس حيث هم، ولا يكفي أن تجذب بيروت كل الناس، يجب أن نعيد غلى الريف حيويته".
جريج
وتناول الوزير جريج في كلمته أهم الرؤى التي تتضمنها استراتيجية السياحة الريفية، منها "تطوير وتحسين السياحة الريفية، مأسسة السياحة الريفية على المستوى المحلي، حماية الارث البيئي الثقافي، تحسين السياسات العام لقطاع السياحة وتشريعاته وانظمته، تطوير ثقافة السياحة الريفية لدى الشباب، تحسين روابط العمل بين المؤسسات الخاصة والعامة، تطوير العلاقات الدولية في هذا المجال"، معتبرا أن "كل ما سلف يؤدي غلى تعريف السائحين بأسلوب الحياة الريفية، وما تختزنه الحياة الريفية من عادات وتقاليد وقيم وأماكن كالمحميات ودروب المشي والمواقع الثرية واحوال المعيشة والتراث المادي والروحي البسيط والغني".
ولفت إلى انه "خلال اكثر من عقدين نجحت كثير من المشاريع السياحية، لكن الخطط الحالية تهدف إلى إشراك الريفيين بخطط التنمية وتمتين العلاقة ما بين المواطنين وما بين المغتربين وارضهم"، معلنا ان "وزارة الاعلام وبالتعاون مع المؤسسات الخاصة والمعنية على اتم الاستعداد من أجل التسويق لمشروع السياحة الريفية ورفع مستوى الوعي العام على أهميتها"، شاكرا فرعون "للمباردات الكثيرة التي يتخذها رغم الصعوبات التي تواجه الحكومة، ورغم ان الامن والاستقرار اللذين هما العامل الاساسي لمشروع من هذا النوع".
حناوي
بدوره، اعتبر الوزير حناوي ان "هذا الحدث هو مناسبة تجمعنا، وتؤكد إرادة الحياة والنهوض لدى الشعب اللبناني، التي تتزامن دائما مع كل جديد على صعيد تحسين استقراره"، معتبرا أنه "عمل استثنائي ينبع من توجه عام يقوم على قهر الظلام".
وراى ان "وزارة الرياضة سباقة في اتجاهين: رعاية الألعاب الرياضية والأندية ودعمها وتشييد الصروح الرياضية في كل المناطق مما يؤمن انتقالا مناطقيا دائما بمثابة سياحة غير مباشرة"، وكشف عن خطط تتبناها وزارة الشباب والرياضة مثل "دعم الاندية الكشفية والاندية الشبابية التي تؤمن الاختلاط بين مكونات المجتمع وتهدف إلى الكشف عن كل معالم الوطن الجميلة".
عريجي
من جهته، اعتبر عريجي ان "هذه المناسبة هي لقاء تعاوني بين وزارات عدة بهدف إحياء تراثنا وتاريخنا، وإطلاق مشروع بمثابة صفقة وطنية رائعة لإعادة ابراز هويتنا الحضارية والتراثية".
وقال: "يشهد الجوار وبعض مناطق لبنان اعتداءات للقضاء على ثوابت مجتمعنا التي بنيناها عبر قرون، وفي بلدنا معالم اثرية تاريخية لأقوام مروا على أرضنا، مدرج بعضها على لائحة التراث العالمي في اليونيسكو، إضافة إلى تراث معماري محلي، وبعضها مازال مهملا لا سيما في الأرياف ، وبحاجة إلى خطة لتأهيلها، وتجهد وزارتنا ضمن إمكانياتها المتواضعة وبناء على ميثاقية اليونيسكو للعام 2013 في حفظ التراث الشفهي للشعوب، في الحفاظ على إرث لبنان الفلكلوري والشعبي غير المادي"، داعيا إلى "تضافر الجهود في الوزارات مجتمعة لانجاح هذه الخطة".
بعد الافتتاح الرسمي، انعقدت ثلاث ورش عمل مهدت لها المدير العام للشؤون السياحية السيدة ندى سردوك، تضمنت جلسات حول بيوت الضيافة والمنتجات المحلية والمحميات والمعالم الأثرية، والتطوير والتسويق، شاركت فيها عدد من جمعيات التي تعنى بالسياحة الريفية، وممثلو وزارات الثقافة والبيئة والداخلية والمحميات الطبيعية والمعالم الثرية وأسواق المنتجات المحلية.
